الأحد، 11 نوفمبر 2012

الحفيدة الامريكية


الحفيدة الامريكية

حين بدأ مكبر الصوت ينقل خطاب حاكم الولاية وهو يقرأ النص الذي يعلن الولاء للأرض الجديدة , حين نهض حشد الرجال والنساء واقفين وارتفعت أصواتهم جميعا مرددة وراءة عبارات القسم بانفعال وتوكيد حين راح الأمريكان الجدد الحاصلون على الجنسية , للتو يتعانقون ويتبادلون التهاني ... حينها سمعت صوت أمي يتحشرج كأنها تختنق والتفت إليها ورأيت وجهها الأبيض الوديع وقد صار قرمزيا كمن داهمتها حمى , والدموع تهطل غزيرة وتفر متبخرة من سخونة خدّيها , مثلما يحدث عندما تتساقط قطرات الماء من إبريق الشاي على عين الموقد الكهربائي مددت يدي وتلقفت يد أمي المتيبسة , بينما الجموع تضع أيديها على مواضع قلوبها وتلهج بالنشيد الوطني الذي تعزفة فرقة للجاز :( يارب احفظ امريكا .. غاد بلس أمريكا ) وكان صوت السيدة العراقية " بتول الساعور " أمي هو النشاز الوحيد الذي يولول بالعربية
 سامحني يا أبي .. يابا سامحني  " 
.......................................................
يقولون أن الهجرة مثل الأسر . كلاهما يتركك معلقا بين زمنين
 فلا البقاء يريحك , ولا العودة تواتيك
أما أنا فأرى الأمر بشكل مختلف .
 أقول لهم أن الهجرة هى استقرار هذا العصر , والإنتماء لا يكون
بملازمة مسقط الرأس
...............................................................
" الشرف العسكري " شرف كنت أقرأ عنه الروايات وأتأثر حين أراة في الأفلام . أتأثر الي درجة التدميع أمام مشهد قائد عسكري منتصر يؤدي التحية لخصمه القائد العسكري المندحر . يحتقن أنفي عندما أري على الشاشة جنديا
يسقط مفتدياً علم بلاده . يجاهد لكي لا يلامس قماشه الأرض
…………………………………………...
لكن أبو غريب كان بعيداً عن الشرف العسكري لم يعد قضية رجال فحسب بل نساء ايضاً . امر أصابني بغضب ينزّ صديداً من أتى بهذه .!!!!. التي تسحب السجين مثل كلب وراءها .. من أتى بها الى الجيش ؟ السجون أماكن لا تصلح للسينما , رغم كل ما صوّروه فيها من أفلام ليس الألم هو البطل بل الإذلال . تذكرت تعذيب أبي في دائرة السعدون . تخيّلت أن المجنّدة " ليندسي إنغلاند " تربط أبي من رقبته بحزام من أحزمة الكلاب وتجرّه وهو عارٍ تصاعد الصديد الى حلقي وأنفي . كيف سأنظر في وجه أبي
.............................................................
مهيمن – لماذا جئتم ؟
زينة – خلصناكم من صدام . كأنني مذيعة في "فوكس نيوز"
مهيمن – طردتم كينغ كونغ من المدينة وقبضتم ثمنه العراق كلّه
...........................................................

" شعرت بالبرد والوحدة وبالوحشة التي تنهش الجنود العائدون وهم يسيرون على عكازات أو يسحبون
وراءهم ساقا معطوبة ولم أكن معطوبة في جسدي لكن مواضع في ذاكرتي كانت تؤلمني وحقيبتي القماشية
الخضراء ثقيلة والناس من حولي يتعانقون ويسرعون الى مستقبليهم "
تلك الفقرات السابقة كانت لرواية أسمها ( الحفيدة الأمريكية )
وهى لروائية عراقية الأصل فرنسية الإقامة أنعام كجة  أعلم بأن الكل لم يقرأ ولم
 يسمع قط بـ هذا الأسم يبدو أن السيدة أنعام كجة  لم توفق بإختيار عنوان الروائية تماما
مثلي لم أوفق بالحصول على نسخة من الروائية إلا بصعوبة وعناء وهذا ما زاد من إصراري لقراءة
راواية ( الحفيدة الأمريكية ) تتجسد الرواية ببطلتها " زينة " وهي أبنة المهاجر العراقي الأمريكي شاءت
الأقدار لها أن تتعرف وتزور العراق لآول مرة مرافقة للجيش الأمريكي الغازي كمترجمة وكانت ترافق
القوات الأمريكية ليلا في مداهمات البيوت لتترجم العبارات المتوترة والخائفة , وكانت تؤرخ كل ما يجري لها
من أحداث عبر الأيميلات التي ترسلها لأهلها في أمريكا وكيف كانت تدون شعورها وخوفها من مدن تقطع بها
الرؤوس بلا رحمة ولا شفقة " زينة " عراقية الأصل مسيحية الديانة من أصل أشوري تعرفت بعمق
ولامست ذلك  كله من جدتها "رحمة " الجدة العراقية
التي لم تكن راضية عنها والرافضة  عملها مع الجيش الأمريكي الغازي وكانت " زينة " تحاول دائما كسب
جدتها " رحمة " بزياراتها المتكررة ولبسها العباءه .. ولكن دون جدوى ! حتى أنها أكتشفت أن لها أخاً في الرضاعة أسمة "مهيمن" وهو مقاتل في جيش المهدي حاليا .. والشيوعي سابقاً والعائد من أسر السجون الإيرانية أثناء خدمتة في الجيش العراقي في الثمانينات .. إستطاعت الكاتبة أنعام كجة جي أن تصنع رواية مليئة بالمشاهد التي تختلط بها تقارير المجندة الأمريكة وتعليقاتها بلحظات مأساوية تحكي حال العراق المحتل والمتحرر من طغيان النظام السابق لقد كانت حبكة الراوية تكمن في توثيق وجمع المعلومات عن الأحداث والمعسكرات والمدن، وحتى في سرد سير الشخصيات المعاصرة رواية الحفيدة الأمريكية تستحق القراءة لأسباب عديدة من أهمها موضوعها الفريدة ومستواها اللغوي العالي ..
"لدي تحفظ شديد على العديد من المفردات الغير لائقة الوارده في الرواية حتى وإن رأت الكاتبة ضرورة الإستعانة بتلك المفردات لتخدم المعني المراد توصلية لمن يتصفح الرواية "